نصيحةلحجاج بيت الله الحرام
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز
إلى كل من يطلع عليها من حجاج بيت الله الحرام والمسلمين في كل مكان. إخواني حجاج بيت الله الحرام:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فمرحباً بكم في بلد الله الحرام، وعلى أرض المملكة العربية السعودية التي شرفها الله تعالى بخدمة الحجاج والعمار والزوار الذين يفدون إليها من كل مكان، ومنَّ عليها بخدمة المقدسات وتأمينها للطائفين والعاكفين والركع السجود.
وأسأل الله عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، في أمن وإيمان، وسكينة واطمئنان، ويسر وقبول، وأن تعودوا إلى دياركم سالمين مأجورين وقد غفر الله لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كريم، وبالإجابة جدير.
إخواني حجاج بيت الله الحرام:
المسلمون بخير ما تناصحوا، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر، وتعاونوا على البر والتقوى، ولذلك فإني أذكر إخواني حجاج بيت الله الحرام، بأنهم في أيام فاضلة وأماكن مباركة، وأنهم قدموا من ديار بعيدة وتحملوا مشقات كثيرة استجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وقياماً بواجب عظيم، وعمل صالح جليل، أمرهم الله تعالى به حيث قال: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[1]، وهذا يقتضي منهم أموراً ينبغي المحافظة عليها والعناية بها، حتى يكون حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً بتوفيق من الله وعون، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. ومن هذه الأمور:
أولاً: يجب على الحاج وغيره أن يخلص نيته وقصده لله تعالى فيجعل عمله خالصاً لوجهه الكريم حتى يقع أجره على الله، وينال ثوابه، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[2]، وقال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً}[3].
ثانياً: يجب على الحاج وغيره أن يكون العمل الذي يتقرب به إلى ربه مما شرعه الله تعالى لعباده، وأن يقتدي في أدائه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، القائل: ((خذوا عني مناسككم))[4] رواه مسلم رحمه الله، والقائل: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))[5] رواه البخاري رحمه الله.
وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[6].
فالعمل مهما كان صاحبه مخلصاً فيه لله ولم يكن متابعاً فيه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مردود عليه لا يقبله الله، للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[7]
رواه مسلم رحمه الله.
والله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[8].
ثالثاً: يجب على الحاج وغيره أن يكون على علم وبصيرة بأمور دينه حتى يقوم بها قياماً صحيحاً، ويؤديها أداءً سليماً على الوجه المشروع؛ فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[9].
وقد أمرنا الله تعالى أن نسأل أهل العلم فيما أشكل علينا من أمور ديننا، فقال سبحانه: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[10].
وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[11].
وإنك أخي الحاج ستجد بعون الله في مكة المكرمة، والمدينة النبوية، وفي المشاعر المقدسة، وفي مؤسسات الطوافة بمكة، والأدلاء بالمدينة، علماء عينتهم الدولة - حرسها الله - للإجابة عن أسئلة واستفسارات الحجاج فيما أشكل عليهم من أمور حجهم وعمرتهم خاصة، ومن أمور دينهم عامة وذلك مما يسره الله تعالى للحجاج بفضل منه سبحانه، ثم بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية - وفقه الله - حتى يكون الحجاج على علم ومعرفة بالحق والصواب فيما يفعلون وفيما يتركون. فلا تتردد يا أخي في سؤالهم والاستفادة منهم حتى تكون على بينة من أمرك قال تعالى:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[12]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقا إلى الجنة))[13]
رواه مسلم رحمه الله.
رابعاً: يجب على الحاج وغيره أن يعلم أن ما شرعه الله لعباده من طاعات وقربات، وما أحل لهم وحرم عليهم من أقوال وأفعال، إنما هي لتزكية أنفسهم وصلاح مجتمعاتهم، وعلى حسب إخلاصهم له، وصدقهم في العمل معه يكون انتفاعهم بذلك في الدنيا والآخرة، وثواب الله خير وأبقى، قال الله تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[14]. وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}[15].
وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[16].
والحج - أخي الحاج - من أعظم ما فرض الله على عباده لتزكية أنفسهم وسلامتها من العداوة والبغضاء، والشح والإيذاء، ورغبتها فيما عند الله وتذكيرها بلقائه يوم الدين، لما فيه من بذل الجهد، وإنفاق المال، وتحمل المشاق والصعاب، ومفارقة الأهل والأوطان، وهجر الأعمال الدنيوية، والإقبال على الله بالطاعة والعبادة، والاجتماع بالإخوان في الله الوافدين من سائر أنحاء الأرض:
{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}[17]. فليحرص الحاج على ما يرضي ربه، ويكثر من تلبيته وذكره ودعائه والتقرب إليه بالمواظبة على فعل الطاعات، والبعد عن السيئات، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..))[18]
من حديث رواه البخاري رحمه الله.
وولي الله هو المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، المستقيم على دينه، بامتثال أمره واجتناب نهيه، كما قال سبحانه:
{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}[19]. ومن أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الحاج وغيره المحافظة على أداء الصلوات المفروضة جماعة في أوقاتها وفي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه، ولاسيما المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فإن لهما ميزة عظيمة على سائر المساجد، والله يضاعف فيهما أجر الصلاة، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه))[20] أخرجه أحمد، وابن ماجة رحمهما الله بإسناد صحيح.
وأخرج الإمام أحمد مثله عن ابن الزبير وصححه ابن حبان وإسناده صحيح. وهذا خير جزيل وفضل من الله عظيم ينبغي العناية به والحرص عليه،
يقول الله تعالى:
{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[21].
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز
إلى كل من يطلع عليها من حجاج بيت الله الحرام والمسلمين في كل مكان. إخواني حجاج بيت الله الحرام:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فمرحباً بكم في بلد الله الحرام، وعلى أرض المملكة العربية السعودية التي شرفها الله تعالى بخدمة الحجاج والعمار والزوار الذين يفدون إليها من كل مكان، ومنَّ عليها بخدمة المقدسات وتأمينها للطائفين والعاكفين والركع السجود.
وأسأل الله عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، في أمن وإيمان، وسكينة واطمئنان، ويسر وقبول، وأن تعودوا إلى دياركم سالمين مأجورين وقد غفر الله لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كريم، وبالإجابة جدير.
إخواني حجاج بيت الله الحرام:
المسلمون بخير ما تناصحوا، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر، وتعاونوا على البر والتقوى، ولذلك فإني أذكر إخواني حجاج بيت الله الحرام، بأنهم في أيام فاضلة وأماكن مباركة، وأنهم قدموا من ديار بعيدة وتحملوا مشقات كثيرة استجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وقياماً بواجب عظيم، وعمل صالح جليل، أمرهم الله تعالى به حيث قال: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[1]، وهذا يقتضي منهم أموراً ينبغي المحافظة عليها والعناية بها، حتى يكون حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً بتوفيق من الله وعون، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. ومن هذه الأمور:
أولاً: يجب على الحاج وغيره أن يخلص نيته وقصده لله تعالى فيجعل عمله خالصاً لوجهه الكريم حتى يقع أجره على الله، وينال ثوابه، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[2]، وقال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً}[3].
ثانياً: يجب على الحاج وغيره أن يكون العمل الذي يتقرب به إلى ربه مما شرعه الله تعالى لعباده، وأن يقتدي في أدائه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، القائل: ((خذوا عني مناسككم))[4] رواه مسلم رحمه الله، والقائل: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))[5] رواه البخاري رحمه الله.
وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[6].
فالعمل مهما كان صاحبه مخلصاً فيه لله ولم يكن متابعاً فيه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مردود عليه لا يقبله الله، للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[7]
رواه مسلم رحمه الله.
والله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[8].
ثالثاً: يجب على الحاج وغيره أن يكون على علم وبصيرة بأمور دينه حتى يقوم بها قياماً صحيحاً، ويؤديها أداءً سليماً على الوجه المشروع؛ فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[9].
وقد أمرنا الله تعالى أن نسأل أهل العلم فيما أشكل علينا من أمور ديننا، فقال سبحانه: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[10].
وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[11].
وإنك أخي الحاج ستجد بعون الله في مكة المكرمة، والمدينة النبوية، وفي المشاعر المقدسة، وفي مؤسسات الطوافة بمكة، والأدلاء بالمدينة، علماء عينتهم الدولة - حرسها الله - للإجابة عن أسئلة واستفسارات الحجاج فيما أشكل عليهم من أمور حجهم وعمرتهم خاصة، ومن أمور دينهم عامة وذلك مما يسره الله تعالى للحجاج بفضل منه سبحانه، ثم بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية - وفقه الله - حتى يكون الحجاج على علم ومعرفة بالحق والصواب فيما يفعلون وفيما يتركون. فلا تتردد يا أخي في سؤالهم والاستفادة منهم حتى تكون على بينة من أمرك قال تعالى:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[12]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقا إلى الجنة))[13]
رواه مسلم رحمه الله.
رابعاً: يجب على الحاج وغيره أن يعلم أن ما شرعه الله لعباده من طاعات وقربات، وما أحل لهم وحرم عليهم من أقوال وأفعال، إنما هي لتزكية أنفسهم وصلاح مجتمعاتهم، وعلى حسب إخلاصهم له، وصدقهم في العمل معه يكون انتفاعهم بذلك في الدنيا والآخرة، وثواب الله خير وأبقى، قال الله تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[14]. وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}[15].
وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[16].
والحج - أخي الحاج - من أعظم ما فرض الله على عباده لتزكية أنفسهم وسلامتها من العداوة والبغضاء، والشح والإيذاء، ورغبتها فيما عند الله وتذكيرها بلقائه يوم الدين، لما فيه من بذل الجهد، وإنفاق المال، وتحمل المشاق والصعاب، ومفارقة الأهل والأوطان، وهجر الأعمال الدنيوية، والإقبال على الله بالطاعة والعبادة، والاجتماع بالإخوان في الله الوافدين من سائر أنحاء الأرض:
{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}[17]. فليحرص الحاج على ما يرضي ربه، ويكثر من تلبيته وذكره ودعائه والتقرب إليه بالمواظبة على فعل الطاعات، والبعد عن السيئات، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..))[18]
من حديث رواه البخاري رحمه الله.
وولي الله هو المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، المستقيم على دينه، بامتثال أمره واجتناب نهيه، كما قال سبحانه:
{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}[19]. ومن أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الحاج وغيره المحافظة على أداء الصلوات المفروضة جماعة في أوقاتها وفي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه، ولاسيما المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فإن لهما ميزة عظيمة على سائر المساجد، والله يضاعف فيهما أجر الصلاة، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه))[20] أخرجه أحمد، وابن ماجة رحمهما الله بإسناد صحيح.
وأخرج الإمام أحمد مثله عن ابن الزبير وصححه ابن حبان وإسناده صحيح. وهذا خير جزيل وفضل من الله عظيم ينبغي العناية به والحرص عليه،
يقول الله تعالى:
{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[21].